أين نحن من مستقبل المهن ؟

كتبه: محمد ناهس

مع اقتراب موعد تخرج الآلاف من أبنائنا الطلبة في الثانوية العامة من مدارس قطاعي الحكومة و الخاص، ومع اشتداد حاجتهم فيما يودون أن يتعلمونه أو يتخصصون به في الكلية أو الجامعة، تتلبد غيوم التردد في سماء الآباء على حد سواء. فهم بين آمر لأبنائه بأن يتوجهوا لتخصص مطابق لتخصص والديه كالطب أو الهندسة أو بين باحث لأبنائه عن مستقبل أفضل مما تحصل عليه أبيه أو أمه في زمن ماض.

ولعل أزمة اختيار التخصص الدراسي لا تترك بيتا ولا إبنا إلا لطمته، فتراه مترددا خائفا أن يقبل على تخصص جامعي لا يوافق ميوله أو لا يؤمن له وظيفة مجدية ماديا في عصر سادته الماديات وحط فيه من قدر الانسانيات. سؤال يبحث الجميع عن إجاباته: ما هي الوظائف المطلوبة في سوق العمل اليوم أو بعد سنوات تخرج الأبناء؟ وكيف حالهم المهني المستقبلي وكيف ينعكس ذلك على حياتهم الشخصية والاجتماعية؟

ولو تأملنا في واقعنا العربي والخليجي الذي يموج كالجبال سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي نجد القلة من الدول التي وضعت رؤية وطنية شاملة واضحة لما تنشده الدولة أو القيادة السياسية بعد 20 أو 30 عاما. فوجود رؤية واضحة مشرقة للدولة يشعل وقود التفاؤل في المستقبل عموما ويبعث في شبابها روح التحدي والمثابرة ويساعدهم في البحث عن بصمة مهنية وشخصية. أما في غيابها، يتلاشى كل شيئ ويصبح التخبط هو سيد الموقف وحاكم اللحظة وعنوان الغد.

أثـر غياب الرؤيــة الشاملة

اليوم، حري بكل أجهزة الدولة وقطاعاتها (النفطي، الحكومي، أو الخاص) أن يتنبأ لنا ولطلبتنا ولأبنائنا عن مستقبل كل قطاع منهم والمجالات المهنية الواعدة في كل قطاع. ما هي الوظائف المهمة والمطلوبة خلال ال 15 عاما في ظل رؤية الدولة وإلى أين يسير قطار التوظيف والتخصصات بأنواعها؟ هل سيكون القطاع النفطي مثلا بحاجة لمهندسي البترول عموما، أم تخصصات نوعية في هندسة البترول؟ هل هم بحاجة لحملة شهادات البكالوريوس أم ربما يفضلون شهادات الدبلوم والشهادات المهنية المتخصصة؟

وكذلك الأمر لقطاع الاتصالات والبنوك والاستثمار والرعاية الصحية وغيرهم؛ ما هي الشواغر المتوقعة والمسميات الوظيفية التي ستتوفر لأجيال قادمة من الكفاءات الوطنية؟ أين يكمن النقص ؟ وأين يتعاظم؟ وما هي نوع التحديات الوظيفية والمهنية لاستقطاب وتأهيل الشباب والمواطنين؟

أسئلة جمّة ومهمة تبحث عن إجابة، ولعل جميعها يبدأ برؤية وطنية واضحة وغايات وطنية محددة لما نود أن يؤول إليه مستقبل هذا القطاع أو ذاك، والأهم ألا نترك هذا المستقبل بيد المجهول. لن نتحدث عن القطاع الصحي والذي مايزال بحاجة للآلاف من الممرضين والصيادلة والأطباء وفي تخصصات متنوعة. الأرقام والدراسات تؤكد على هذا.


اقتربت الساعة وجرس قبول البعثات يكاد يقرع، في شهر يونيو و يوليو من كل عام! تمنياتنا لأبنائنا أن يوفقهم الله تعالى في الاختيار رغم شح المعلومات المتوفرة لهم في صنع القرار. ولعلنا نشيد بجهود أي جهة حكومية أو خاصة تدرك أهمية هذا الأمر وتسعى لردم هوة المعلومات والبيانات في استشراف مستقبل المهن سواء في الكويت أو في باقي محيطنا العربي.