الأهم من الصوت..هو الصدى (رسالة للمقاطعين)

لست مستغربا ولا مستنكرا عزوف الزملاء والأصدقاء – والعديد ممن احترم وأقدّر – عن فكرة المشاركة بانتخابات مجلس الأمة القادم (ديسمبر 2020). فقد قمت شخصيا بممارسة المقاطعة مرتين إيمانا مني بأن اللعبة السياسية أصبحت سامجة، وأن إرادة الأمة معطلة، وأن روح الدستور تحتضر، بل إن الأقوال مازالت أعلى من الأفعال.

لم تحرك فيني يوما واحدا أقوال خالدة لأشخاص ورموز أراها من ورق. تجد ذلك في خطابات تخلو من محتوى التفعيل، ولا تعتمد على الدليل، ومليئة بسيل من الرسائل المخدّرة كسبا للوقت والمال.

اليوم، ونحن على أعتاب باب جديد نأمل من خلاله الولوج إلى مرحلة التغيير الشامل والصادق والواعد، لم يعد هناك متسع من الوقت لإدراك ما لا يمكن إدراكه من نهضة إقتصادية وتعليمية وإجتماعية، ولم تعد الموارد التي يحلم بها السارقون بالكثيرة. وتظهر المؤشرات بأنواعها أن مدخرات البلد في تهالك، وأفراده في حالة من الإحباط، ومجتمعه في حالة من التمزق، ووتيرة التقدم متوقفة منذ زمن.

رسالتي لأحبتي المقاطعين ،،،
إن كنت تحمل على كاهلك مبادرة مجتمعية في التغيير فبها ونعمت. وأيا كانت مبادرتك، فنحن بحاجة لأفكارك ومشاريعك ومبادراتك وعلى مختلف الأصعدة كالتعليمية، والثقافية والإقتصادية والسياحية والرياضية والإعلامية والقائمة تطول.
كن مشروعا أو كون مشروعا أو إدعم مشروعا “ شعار يحمله وينادي به الدكتور المفكر جاسم السلطان. لا تحتقر جهدك وإن كان صغيرا، فالمشروع يكتسب حجمه من سمو غايته لا من حجم بدايته!

أما إذا كنت لا ترغب بالمشاركة السياسية فذلك حسن طالما أنك تملك مشروعا آخر تعمل من خلاله نحو التغيير المنشود الذي يرتقي بالفرد ومكونات المجتمع. أما إذا خلا برنامجك الشخصي من أعمال تساعدنا بالنهوض من جديد، فلا أقل من أن تشارك بالصوت للشخص الصادق المخلص والعازم على التغيير الحقيقي للمشهد السياسي.
ما أحاول التأكيد عليه هو أنك لن تصحو في يوم من الأيام وتجد نفسك في محيط مجتمع ناضج ومتوازن ومستقر من دون مبادرات هؤلاء الأفراد والمؤسسات. ولكل دوره المهم والضروري في تعزيز مفاهيم المواطنة الحقة والمستحقة.

” كن مشروعا أو كون مشروعا أو إدعم مشروعا “

د. جاسم السلطان

كل منا على ثغر، فمارس دورك وواصل عطاءك، فإن كان من المهم إعطائك للصوت (أي المشاركة السياسية) فالأهم – إن كنت مقاطعا – أن نستمع ونتمتع بصدى أعمالك المجتمعية ومبادراتك العملية في التغيير المنشود.

فإن لم ينطبق عليك ما ذكرته، فلعلي أراك غدا أمام الصندوق.
بقلم: محمد ناهس العنزي.