لم يعد السكوت مقبولا على مشاهد انتخابات الطلبة سواء في الجامعة أو المعهد التطبيقي. فبعد أيام تتجدد ذكرى انطلاق أول رسالة نقابية طلابية أعلنها طلبة الكويت في 24 ديسمبر 1964 من القاهرة ومن ثم المملكة المتحدة.
بحروف من حكمة كتبوا: «نحن طلبة الكويت الجامعيين إيمانا منا بالتنظيم النقابي ودوره الفعال من أجل مستقبل أفضل لشعبنا وأمتنا، ومن أجل الدفاع عن قضايا الإنسانية جمعاء قررنا إنشاء الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، مختتمين كلمتهم بعبارة «ليكون طليعة ومشعلا هاديا للمستقبل»، ما أجملها من عبارات سطرت الرسالة المنهج.
لن يختلف اثنان على أهمية العمل النقابي الطلابي الذي أخرج لنا قامات سياسية وثقافية وعلمية تفخر بها الكويت جمعاء، فما قدمته التجربة الطلابية يمكن العديد من الطلبة من قياس قدراتهم القيادية ومهارات الإبداعية في التخطيط، والتنظيم والتحفيز والإنجاز.
لكن المشهد الحالي وبعض الممارسات الدخيلة على هذا العمل النقابي المشرف بحاجة الى وقفة أو وقفات للحد من تأثيرها السلبي على سلوك وأفكار الطلبة المستجدين، فلم يعد من المقبول أن تمر المشاجرات العنيفة وتبادل الشتائم والاصطفاف البغيض مرورا عاديا بغير عقاب أو رادع.
نعم، أتفق بأن مشهد انتخابات الطلبة بشتى أطيافه هو مؤشر على الممارسات السياسية والمجتمعية التي نبغضها سواء قام بها الكبير أو الصغير.
وإلى أين ستنتهي الأمور ونحن نرتضي هذه النزعة الفئوية المريضة أن تتغلب، ولماذا لا يستحدث في اللوائح ما يعاقب المسيء من تمثيل زملائه لفترة مناسبة يرتدع فيها ويسترجع. وبعيدا عن الشكوى والتذمر، أرى من الضروري أن يتم تعديل اللائحة التنظيمية لاتحاد الطلبة ومراجعة الممارسات التي تراكمت عبر أكثر من خمسين عاما، تماما كما عقد الآباء الأوائل النية في مراجعة دستور 1962 مع مرور الوقت.
والمقترحات في هذا الشأن متعددة، أذكر منها ثلاثة:
1 ـ تبني ثقافة الانتخاب والترشح وتأصيلها عند الطلبة بشكل علمي وتاريخي حديث، تبدأ من سن اليفاعة في مرحلة الثانوية بإضافتها على شكل منهج تربوي اختياري لفصل دراسي واحد، ويمكن أن ترتبط بمادة دراسية في السنة الأولى من الجامعة أو بمنهج التربية الوطنية الذي اختفى أثره أو تضاءل.
2 ـ تعديل سن الترشيح والانتخابات، لكيلا يقل عن العشرين عاما، لإتاحة الفرصة للطلبة المستجدين في عامهم الأول بألا ينساقوا وراء شعارات فضفاضة أو تجمعات واهية.
وليتمكن أحدهم من قراءة المشهد وأعمال القوائم والتيارات الناشطة بكل تجرد، وقبل الاصطفاف الملتبس.
3 ـ ثالـــث المقترحات هو تسهيل انــدماج الطلبة أثناء رحـــلة الجامعة بأعمال الجمعيات المهنية المشهرة. فقد ينتـــهي المطاف بالخريج بالانضمام إلى بعــــض هذه الجمعيات كالطـــبية أو الاقتصادية، وفي هذا محاولة لإكسابهم النضج اللازم في مرحلة مبـــكرة وتعزيز شبكة العلاقات المهنية المنشودة. ويتم هذا من خلال إنشاء لجنة خاصة بالطلبة الجامعيين لحضور الأنشطة والاحتكاك مع أهل الاختصاص، مما يقلل من عنفوان المرحلة العمرية.
خـــتاما، ما نطــمح ان نراه في سلوك ابنائنا لا يمكن أن يتم بمعزل عما نراه في سلوك الكبار والناضجين، سواء الساسة أو رموز المجتمع، وهذه ذاتها بحاجة إلى وقفات.
بقلم: محمد ناهس. نشر في جريدة الأنباء 14 / ديسمبر / 2021